/ تساؤلات بحثية

تساؤلات بحثية

 المنهجية: هل هي ضرورة علمية أم ترف فكري؟

 المنهجية: هل هي ضرورة علمية أم ترف فكري؟


المنهجية: هل هي ضرورة علمية أم ترف فكري؟

يتبادر إلى خَلَد كثير من الدارسين أنَّ علم المنهجية هو مقياس ثانوي وترف فكري، وأنه علمٌ لا ينفع وجهالة لا تضر، أو هو -كما قيل في علم المنطق - لايحتاج إليه الذكي، ولا يستفيد منه الغبي.

وهذا – في الحقيقة -تصوّر خاطئ سببه ضمور الوعي بطبيعة هذا العلم وأهميته في تأطير العملية البحثية، وقديمًا قالوا: «المرء عدو ما جهل».

بل إنَّ علم المنهجية يتساوق تمامًا مع المنطق الوظيفي للدرس الجامعي؛ الذي يتجه أساسًا نحو فتح مسارات التعلم، وتمهيد المداخل المنهجية للعلوم (مفاتيح العلوم)، دون الايغال في التلقين الكمّي للتفاصيل المعرفية.

وممّا أعان على هذا التصوّر الخاطئ – إضافة إلى العامل السابق – سببان اثنان:

السبب الأول: قلة الدراسات المُعرِّفة بمنهجية البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية؛ فأكثر ما يُنسب للمنهجية مما تقذف به خزائن دور النشر، وتدفعه أرحام المطابع، وتمتلئ به الرفوف = لا يخرج -في مجمله -عن الموضوعات الشكلية والفنية، وهو ما يمكن تسميته بــ «نظام البحث» أو «أسلوب العرض»، مثل: فن كتابة البحوث، ومنهجية كتابة الرسائل الجامعية، وكيف تكتب رسالة أو بحثا. وهذه أمور تنظيمة غير منتجة للصناعة البحثية كما هو معلوم.

أما ما يحتاج إليه طالب هذه العلوم فهو شيء آخر غير ذلك الذي تعطيه تلك العناوين.

ويُؤسفنا – في الحقيقة - إغفال هذا المعنى الحيوي في أكثر الدراسات المناهجية، حيث تجد أكثر الباحثين يكتب الصفحات الطوال عن المنهج، وذهنه منصرف إلى هذا المعنى الآخر الذي هو أقرب إلى أسلوب البحث منه إلى المنهج.

السبب الثاني: طبيعة علم المنهجية في حد ذاته، فإنَّ منهجية البحث هي أقرب إلى الفن منها إلى العلم، ذلك أنَّ البحث العلمي واحد من أوجه النشاط المعقدة المحيّرة، التي تصل عادة غير واضحة المعالم تمامًا في أذهان من يمارسونها، ولَعَلَّ هذا هو سبب اعتقاد بعض الباحثين أنه ليس في الإمكان إعطاء أيّة دراسات منهجية في كيفية إجراء البحث العلمي([1]).

وخلاصة القول: إنَّ علم المنهجية يتجاوز القوالب الفنية والمحصلات المعرفية إلى التساؤل عن كيفية تحصيل المعرفة وطرق بنائها.

.................................................................................................................................................

 

د. أحمد ذيب

 أستاذ المناهج بجامعة الأمير عبد القادر- الجزائر


([1])    بيفردج ، فن البحث العلمي، ترجمة: زكريا فهمي، بيروت، دار إقرأ، ط4، 1983، نقلا عن باباعمي (ص:44).

 

إضافة تساؤل جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة
2020-04-18
الزيارات : 828
التعليقات : 0

نشر :